Tuesday, October 31, 2006

من فوائد التحرش الجنسى



افضل الانتظار دائما حتى تهدأ الامور و حتى تبرد المواضيع الساخنة لاتناولها بالتعليق بدون ان يحترق طرف لسانى فأفقد فرصتى عندئذ فى تمييز طعمها اوالتلمظ بعدها فى استمتاع . وكما حدث فى موضوع "كلنا ليلى" الذى تناولته بالتعليق بعد ان هدأت الامور .. سأدلى بدلوى فى موضوع هجمات التحرش الجنسى الجماعى التى حدثت مؤخرا فى وسط القاهرة ايام عيد الفطر كتكرار لما يحدث فى اوان التجمعات كالاعياد السابقة اوحفل ختام دورة الامم الافريقية الاخيرة.
قرأت معظم ما كتب عن الموضوع فى كثير من المدونات .. سواء من المدونات التى تناولت الحدث بشكل خبرى او ممن شجبوا وادانوا او اظهروا قلقهم من تفاقم الوضع وصولا الى من تناولوا الموضوع بشكل تحليلى جيد كما فعل د.اسامة القفاش فى حواره مع جار القمر فى مدونة الثانى وايضا فى طواسين الدكتور وليد
وبعد قراءة كل ما كتب لم اجد اى جديد يمكننى اضافته بدون الوقوع فى فخ التكرار او التحذلق، لذا اتبعت نصائح اصدقائى الذين يعتبروننى مثالا للتشاؤم المجرد من اى امل وحاولت النظر للنصف الممتلىء من كوب الواقعة الاخيرة ..
والحقيقة لم اجد اى جوانب ايجابية للموضوع اللهم الا فائدة شخصية حققتها بعدما اطلعت على موقع ويكيبيديا وتمثلت تلك الفائدة فى اننى اكتسبت بعض المعلومات الجديدة.
وقد توجهت لموقع
ويكيبيديا لابحث عن اصل عبارة الهيستيريا الجماعية او الهيستيريا الجمعية لاجد نفسى اقضى الساعة تلو الاخرى فى قراءة تعريفات اخرى ذات صلة بالموضوع مثل ثقافة الخوف و اللاوعى الجمعى و غريزة القطيع او نظرية "الخروف" كما يحلو لى ان اطلق عليها بعدما اكتشفتها وحدى وانا طفل بمراقبة بائعى الخرفان ورأيت كيف يتحكمون فى قطعانهم بسحب او جر " الالفاميل"او اكبر ذكر فيهم من قرونه للاتجاه المطلوب ليتبعه ببساطة وغباء باقى الخرفان ..
وبمتابعة القراءة وجدت امثلة غريبة لحالات هوس جماعى حدثت ولم اسمع بها من قبل .. بعضها كان اقليمى الطابع كما حدث فى مصر من سنوات عندما كثر الكلام عن اللبان المهيج جنسيا والذى قيل ان اسرائيل اغرقت الاسواق المصرية به
فعلى سبيل المثال قرأت انه فى اواخر عام 2003 تصاعدت موجة خوف غريبة فى السودان من ظاهرة جديدة اسمها "ذوبان العضو الذكرى" !! بجد والله مش باهزر
وقيل ان يهود اسرائيل هم المتسببين فيها بغرض حرمان رجال السودان من رجولتهم ومنعهم من الانجاب وبالتالى انقراضهم !! وانتشرت حينها رسائل المحمول يحذر فيها السودانيون بعضهم البعض من التعامل مع الرجال البيض مجهولى الجنسية .. حيث انهم غالبا يستخدمون انسان آلى صغير الحجم يستخدم لاغراض الجراحة ويتم التحكم فيه عن طريق اشعة الليزر ليخترق الجمجمة ويتحرك داخل الجسم نزولا حتى المنطقة المعنية ليذيب العضو الذكرى !!
واضطر وزير الصحة انذاك لاصدار بيان يطمئن فيه الشعب السودانى ويؤكد انه لم يتم رصد اى حالات لاعضاء ذكرية ذائبة !!
تستطيع قراءة الموضوع مع امثلة اخرى لهوس "ذعر القضيب الذكرى" حدثت فى جنوب شرق آسيا بشكل اوسع امتد ليطول الرجال والنساء على السواء هنا فى
هذا الرابط
اما الشعب الكورى فلا يزال حتى اليوم يعانى من ظاهرة غريبة وهوس جماعى بلغ حد اليقين يسمونه بأسم "
موت المروحة" ويزعمون فيه ان المروحة لو تم تركها لتعمل طوال الليل فى غرفة مغلقة فأنها قد تقتل عن طريق الاختناق او التسمم او انخفاض درجة حرارة الجسم حتى الموت !! ولهذا السبب لابد ان يتم تزويد كافة المراوح المصنعة فى كوريا بتايمر او مفتاح توقيت ليوقفها عن العمل بعد فترة معينة ..
اما فى الهند بلد الاساطير ..فمنذ حوالى خمس سنوات انتشر الذعر فى نيودلهى بسبب
الرجل القرد وهو كما اشاعوا عبارة عن رجل او مخلوق يبلغ طوله حوالى 120 سم كثيف الشعر ويرتدى خوذة حديدية وله مخالب حديدية وعيون تشع ضوء احمر .. كما انه يوجد ثلاثة ازرار صغيرة على صدره !!! .. وانهالت البلاغات عن رؤياه فى مناطق عده بعد ان هاجم العديد من السكان وخدشهم !! كما توفى اثنان او ثلاثة بعد ان سقطوا من اسطح بيوتهم عند رؤيته.

والكثير الكثير من امثلة الهوس الجماعى او الهيستيريا الجماعية قرأتها هناك مما اوصلنى اخيرا الى تعبير ووصف لمتلازمة آخرى اصابت معظمنا وهى مجموعة اعراض تدعى "متلازمة العالم الوضيع" او
والذى يقال انه زاد مؤخرا بعد ان تعاظمت تكنولوجيا الاتصالات وظهور الانترنيت وتنوع اساليب الميديا ما بين مقروءة ومسموعة ومرئية والذى يعود بنا مرة اخرى الى النصف الفارغ من الكوب !! وهو نصفى المفضل
ما قلنا كده من الاول وقلتم اطلعوا من البلد !!

Tuesday, October 24, 2006

The missing piece


It was a circle
it was missing a piece.
And it was not happy.
So it set off in search
of its missing piece.
And as it rolled
it sang this song -
Oh I'm lookin' for my missin' piece
I'm lookin' for my missin' piece
Hi-dee-ho, here I go,
Lookin' for my missin' piece.
قصة اطفال قديمة كتبها الامريكى شيل سيلفرشتين وغنت بعض الامهات الغربيات اغنياتها كالالاباى لاطفالهن ..
تتحدث القصة عن دائرة صغيرة تفتقد جزء منها عبارة عن مثلث صغير يكمل حدودها الخارجية وحيث انها تشعر بالنقص جراء ذلك فقد انطلقت فى رحلة للبحث عن الجزء الناقص الذى يكملها .. ولكن لأنها ناقصة وغير كاملة الاستدارة فقد اخذت فى التدحرج على حافتها ببطء للبحث عمن يكملها وفى اثناء رحلتها البطيئة وجدت الفرصة للاستمتاع برائحة الزهور ومقابلة الحشرات الصغيرة الودودة المضيافة وديدان الارض الطيبة واجراء حوارات معهم بينما هم جميعا يستمتعون بضوء الشمس الجميل .. تسألهم ان كانوا قد رءوا ما يكملها ..جربت العديد من القطع الصغيرة علها تجد ما يناسبها دون جدوى .. حتى جاء اليوم الذى وجدت فيه المثلث الذى تبغيه ويكمل الجزء الناقص بها .. التحمت به فى سعادة بالغة واستطاعت ان تتدحرج وتتحرك بسرعة كبيرة وتقطع مسافات اطول فى اوقات قصيرة لكن فى نفس الوقت لا تجد الفرصة لتمتع عينيها برؤية شىء او سماع شىء بعد ان اصبحت مثالية السرعة وكاملة الاستدارة .. لم تستطع ان تظل على هذا الحال كثيرا بعد ان احست انها فقدت اشياء كثيرة لتكتسب شيئا واحدا .. فتركت المثلث الصغير على جانب الطريق وسارت مبتعدة.
قصة جميلةالمعنى ذكرتنى بحدوتة اعتادت امى ان تحكيها لى فى طفولتى عن تلك الفتاة الشابة الصغيرة محدودة العقل التى لاتعرف لها ابا او اما واعتادت الجلوس على باب الجامع تندب حظها وتغنى " آه يانى ياللى ماليش بخت يانى .. افلفل الرزة وازغط الوزة ياللى ماليش بخت يانى " فيقابلها المصلين بعد الانتهاء من الصلاة فى طريقهم للخروج من الجامع ويقترب منها احدهم -عم بطاوى- ليسألها " مالك يا شاطرة انتى تعبانة؟" فتجاوب بنفس العبارة والتى يبدو انها لا تملك غيرها " آه يانى ياللى ماليش بخت يانى ..افلفل الرزة وازغط الوزة ياللى ماليش بخت يانى " كناية عن مهارتها فى تنفيذ
كافة الاعمال لكن حظها المجدود يأبى منحها الفرصة . فيجيب الرجل قائلا .."لا حول الله يارب.. تعالى يا بنتى اتجوزك واكسب فيكى ثواب " وبالفعل يتزوجهاالرجل ويأخذها الى منزله .
ولما كان الرجل يعمل فرارجيا ويمتلك دكانا لبيع الطيور .. فقد كان يربى فى منزله بعض من طيور البط والاوز فى انتظار وصولهم للحجم والوزن المناسب للبيع ثم يأخذهم لدكانه ويعرضهم للبيع
وفى صباح اليوم التالى وقبل ذهاب الرجل مباشرة الى محله ليباشر عمله طلب من زوجته الجديدة ان تساعده بإطعام البط والوز و سقايتهم بعض الماء حتى يتمكن من بيعهم فى اقرب فرصة
لكن عند عودته من عمله فى المساء وجد فى انتظاره مفاجأة عظيمة .. لقد وجد كل طيور البط والوز ميتة وملقاة فى صحن المنزل بينما الزوجة تتناول طعامها فى هدوء شديد .. فسألها بانفعال عما حدث .. فأجابت الزوجة " شفت البط والوز اللى انت سايبهوملى عملوا فيا ايه ؟ دول طلعوا غدارين بصحيح .. بأه انا آخد الواحدة من دول أأكلها واشربها من هنا الاقيها رافعة راسها لفوق وبتدعى عليا !! .. يرضيك كده برضه ؟؟ نصحتهم مرة واتنين مفيش فايدة .. قلت يمكن لسه جعانين .. اكلتهم وشربتهم تانى وبرضه يرفعوا راسهم لفوق ويدعوا عليا !! قلت مبدهاش بأه ورحت قاصفة رقابيهم كلهم قبل ما ربنا يستجيب لدعاهم"
طبعا لم ينتظر الرجل سماع اى كلمات اخرى من الزوجة المخبولة و طردها شر طردة لتعود الفتاة مرة اخرى لنفس الجامع تبكى على بابه وتندب حظها بعباراتها المأثورة " آه يانى ياللى ماليش بخت يانى ..احمّر الوزة ..وأأكل المعزة .. ياللى مليش بخت يانى " لتتكرر القصة من جديد على نحو لا يمكن حدوثه الا فى حواديت أمى .. ولكنها تتزوج هذه المرة من تاجر معيز كان يحتفظ فى منزله بعنزة مسحورة تنتج لبنا ذو تأثير سحرى يمنح الشباب الدائم ويلغى تأثير الشيخوخة .. فكان الرجل يبيع من لبنها لطالبى الخلود مقابل اثمان خيالية وبالطبع كانت هذه العنزة مطمع الكثيرين .. فلما تزوج صاحبنا قرر ان يأتمن زوجته الجديدة على المعزة ويتركها فى حراستها حتى يتمكن من مغادرة المنزل والاهتمام بشؤونه الاخرى ..
وكما يقتضى قانون الحدوتة العتيد فلابد من ظهور رجل شرير يبتغى سرقة مالايخصه .. وهذا ما حدث فى اليوم التالى مباشرة اذ ذهب رجل لمنزل الزوج الجديد بعد ان خرج الزوج لعمله.. وقابل الزوجة بوجه باكى واخبرها بأنه موفد من قبل اهل المعزة لأن والد المعزة توفى ولابد من حضور المعزة لكى تتقبل العزاء فى والدها التيس فقيد التيوس .. وطبعا لكون الزوجة طيبة القلب فقد وافقت الزوجة على ذهاب المعزة مع الغريب ولم تكتفى بذلك بل البست المعزة كل الذهب الموجود بالمنزل حتى لايقال عن البيت التى ترعى فيه المعزة بأنه بيت فقير او ان اصحابه لايعرفون الواجب .. وطبعا طردها زوجها شر طردة بعد عودته للمنزل ومعرفته لما جرى .. وعلى هذا المنوال استمرت الحدوتة برجوع الفتاة لباب الجامع وزواجها برجال مختلفين آملة ان تلتقى بنصفها الثانى الذى يفهمها ويكملها ولكن بدون جدوى .. وتنتهى الحدوتة ولا نعرف مصير الفتاة ولا نراها على باب اى جامع .. هل وجدت من يكملها وسكنت اليه واكتملت سعادتها ؟ هل كفت عن البحث عمن يكملها ؟؟ وحاولت ان تستمر فى حياتها تاركة بغيتها حتى ترمى الاقدار به فى طريقها؟ الله اعلم .
لا اروم هنا ان اظهر الفارق بين الحدوتين او ان اوضح اوجه الشبه بينهم او حتى اقارن بين ادب الاطفال الامريكى وحواديت تراثنا الشعبى ... لقد كتبت ما جال بخاطرى

Sunday, October 22, 2006

ست سنوات ام ست دقائق Noah Kalina



Noah K.
اسمه نوح كالينا .. شاب امريكى يبلغ من العمر 26 عاما ويعيش بنيويورك .. يعمل مصورا ويأمل ان يستطيع التقاط صورة شخصية واحدة لنفسه كل يوم حتى آخر عمره.. بدأ تلك المهمة فى سنة 2000 ليصل عدد الصور التى التقطها لنفسه حوالى 2356 صورة حتى يوليو 2006 ..يوجد موقع لرؤية صورته اليومية وكذلك موقع آخر لرؤية فيلم قصير اسمه "كل يوم" عبارة عن عرض سريع للصور الملتقطة مصحوبة بموسيقى مناسبة جدا لكارلى كوماندو .. والغريب فى آخر فيلم اصدره والذى يحوى صور 6 سنوات والذى ايضا اصابنى بالدوار بعد مشاهدته اننى شاهدت تعبير واحد حزين فى كل صوره .. كيف استطاع ان يحتفظ بنفس التعبير ونفس النظرة لكل هذا الوقت ؟؟ وبرغم هذا احسست بعد مشاهدتى للفيلم انه استطاع ان يرينى ست سنوات من عمره فى 6 دقائق !!! شاهد الفيلم بأعلى وقل لى رأيك

Monday, October 09, 2006

كلنا ليلى


كلنا ليلى



كثر الكلام منذ فترة عن حركة التضامن الانثوى والمسماة "كلنا ليلى" والتى اختلف تعريفها على لسان العديدات من مؤسِسات هذه الحركة - ان جاز التعبير - كما هاجم البعض - من الذكور - او سخرمن تلك العصبة فور اعلانها تحت دعوى انها حركة انفصالية راديكالية قد تهدد امن المدونات الذى يعلن دائما بأنه لافرق بين ذكر او انثى الا بالموهبة وحسن البيان ... على حين تلقى المجتمع الانثوى و بعض مؤسِسات الحركة تصريحات رد الفعل تلك بتعجب واندهاش من احساس المجتمع الذكورى بالتهديد لأنهم كتبوا وبوضوح فى البيان التمهيدى لهم بأن حركة كلنا ليلى" مع الإناث و لكنها ليست -و لن تكون- بأي حال ضد الرجل ."
وقد قُتل الموضوع بحثا ومناقشة فى معظم المدونات بعد ان اصطبغ بصبغة شوفونية احيانا وحيادية احيانا اخرى وساخرة فى اغلب الاحايين إلا اننى خلُصت من تلك الحوارات بأننا لا زلنا نعانى وبشدة من مشكلة التعميم ، وانا لا اتحدث عن الرجال فقط بل والاناث ايضا .. فكم ليلى من تلك الليالى ستكون نوال السعداوى وهى ليلى مشكوك فى قواها العقلية وكم منهم ستكون نهى الزينى وهى ليلى يحترمها الذكور قبل الاناث ؟
اما عن نفسى فأنا اعتبر بعض اناث المدونات اصدقاء لى ولكنهم يحملون كروموسوم ×× لذلك لا استطيع دعوتهم لفنجان من القهوة فى احدى الكافيتريات او تهشيم رؤوسهن لو اختلفنا فى الرأى كما افعل مع اصدقائى الاخرين اعضاء نادى الاكس واى ، لذلك تجدوننى ضد هذا التصنيف العنصرى العجيب !! والذى نسى متبنييه من المدونين انه فى عالم المدونات السيبراتى تنتفى عوامل كثيرة كائنة وموجودة فى عالم الواقع فقط والتى قد احترمها كمبررات يسوقها مدون ذكر ركب العربة الوسطى بالترام عن سهو ونسى انها مخصصة للنساء فقط.
اما الشق الثانى لتعجبى هو اللفظة نفسها .. فكلمة "ليلى" ولااقصد بها اسم الشخصية التى قامت ببطولتها فاتن حمامة فى فيلم الباب المفتوح طبعا .. وانما اقصد اللفظة نفسها من الناحية الفونوتيكية ..وهو شق يجب ان يراعى دائما عند اختيار اسم ذو دلالة ويرمز لمجموعة تنادى بفكر جديد ... فكلمة ليلى المنطوقة قد تُسمع على انها "ليـلة"... تلك اللفظة التى غنى لها محمد عبده اغنيته الشهيرة والتى قام فريق الفتيات الالمانى المغمور "الدوللى دوتس" بسرقة عنوان الاغنية وجزء من اللحن بعد ان حوروا الكلمة لتصبح "ليلى" بدلا من "ليلة" .. ولفظة ليلة هى ما اعنيها بكلامى .. فما معنى ليلة ؟ والام ترمز ؟ وهى لفظة فردية تفتقد روح الجماعة ولا تدلل حتى على الاستمرارية .. بل هى ليلة واحدة وينتهى الامر "ليلة وتعدى" وتوحى ايضا بعشرات المعانى التى لا احبذ التطرق اليها الآن " احنا جايين نهدى النفوس" اما الاسم الذى قصدنه - ليلى - و كما كتبنه فى شعارهم فمعناه فى المعجم غريب ويثير فى النفس اسئلة اخرى لا اجرؤ على طرحها .. فكلمة ليلى تعنى نشوة السكْر وفى اقاويل اخرى تعنى الخمر والعياذ بالله !



Tuesday, October 03, 2006

العيش والعيشة واللى عايشينها


نقرأ فى السطور التالية واقعتان حدثتا بالفعل منذ اكثر من عشرين عام .. لا يربطهما سوى اشتراكهما فى مكان الحدوث ولا يميزهما عن اى سرد آخر سوى كونهما من محتويات صندوق ذكرياتى الثمين –ثمين بالنسبة لى انا فقط - ونظرا لاننى عايشت تلك الاحداث وانا على اعتاب المراهقة فلن التزم فى سردها بأية قوانين للسرد او الكتابة ..سأكتب
بالفصحى تارة وبالعامية تارة اخرى وبأسلوب مفكك كما سجل عقلى المراهق تلك الوقائع آنذاك
.
.
..

.
كان مجرد ركوب الترام – وهى غير مزدحمة طبعا- من محطتى (سبورتنج) وذهابا لآخر الخط (محطة الرمل) والعودة ثانية .. يمثل لى فسحة لذيذة و متعة ما بعدها متعة لا يضاهيها سوى ركوب دراجة (فرامل رجل بس ) والنزول بها فى شارع شديد الانحدار مليء بالنقر !!.- الكلام ده كان زمان طبعا وبيدور فى الصيف لان تلك هى الفترة الوحيدة التى ممكن ان تحمل فيها اى ذكريات سعيدة لترام المدينة بالاسكندرية لان الموضوع يختلف تماما فى الشتاء وبداية الدراسة حيث تصبح محطات الترام محطات تفريخ بشرى ومنطقة كوارث وركوب الترام فى تلك الفترة تجربة غير محببة بالمرة . ومعذرة للتطويل والاطناب بس كان لازم احطكم فى الجو

الواقعة الاولـــــى

نهار خارجى : راكبا الترام شبه الفارغة وللعجب الشديد كنت جالسا !! .. اى نعم لا يوجد خطأ فى العبارة .. كنت جالسا .. ووجه العجب فى العبارة مش لان الترام كانت شبه فارغة ويوجد مكان للجلوس ولكن لاننى اكره الجلوس بالترام مالم تكن العربة كلها فارغة او يوجد بها ثلاث او اربع ركاب بما فيهم الكمسارى وهذه لحظات نادرة كما تعرفون ..المهم ..انا جالس بجانب النافذة اتسلى بعد العواميد التى تحمل كابلات الكهرباء بعد ان فشلت فى عد الفلنكات لانها تختفى بسرعة اكبر من ان الاحقها .. ومن احدى المحطات صعد رجل مسن وبرغم ان العربة شبه فارغة .. الا انه ترك كل هذه الاماكن الفارغة وجاء ليجلس امامى انا بالذات !! .. تجاهلته وواصلت مهمتى من جديد فى عد العواميد الا اننى وجدت ان مجيىء هذا الرجل انسانى الرقم الذى وصلت اليه فى العد .. فقررت ان اغير اللعبة وابدأ فى عد السيارات المتوقفة بجانب الرصيف على ان انجح فى تخمين لون السيارة التى ستجىء فى رقم 10 وهل ستكون سيارة حمراء ام بيضاء وهكذا دواليك ..الا ان نظرات الرجل العجوز لشخصى الضعيف كانت مركزة ومزعجة ايما ازعاج .. وانا بطبعى خجول قليل الثقة بالنفس اعشق خصوصيتى واكره تلك النظرات الوقحة المقتحمة .. ولربما هذا هو السبب اننى اكره الجلوس فى الترام حيث لا شاغل لاى من الجالسين امامك سوى الحملقة فيك او محاولة معرفة لون شرابك !! المهم .. افترضت حينها اننى لو نظرت للرجل فى عينه قد يرتدع ويبحث عن شىء آخر يراقبه سواى .. ولكننى كنت ساذجا .. فقد كان هذا هو ما ينتظره الرجل منى ! .. فما ان بادلته النظر والتقت عينانا .. حتى بادرنى بسؤال غريب جدا ..قال – " انت .. انت اكلت حمام بالفريك ؟ "وقبل ان افتح فمى لاجاوب رد هو قائلا بفخر .. " انا بأه اكلت حمام بالفريك وملوخية بالارانب وكل اللى نفسى فيه"ادركت حينها ان الرجل مخبول وانه لاداعى للرد عليه وافهامه اننى لا أأكل تلك الاصناف ببساطة لاننى لا اطيق ان آكل حيوانات محشية بأى شىء .. حيث ان الحمام والبط وحتى الفراخ المحشية باى شىء تذكرنى بجثث الفراعنة المخلية والمحشية بمواد تمنع التعفن الرمى .. وان ملوخية الارانب تبعث فى ذهنى بصور لجثث آدمية طافية فى بانيوهات فورمالين !! (خيال سوداوى بعيد عنكم) واستمر الرجل فى الحديث دون ان ينتظر منى اى رد .. "زمان كانت وقة اللحمة مش عارف بكام ورطل اللى معرفش ايه بأد ايه .. والتلاتين بيضة بخمسة تعريفة .. كان الواحد يخلص تعليمه من هنا ويتجوز من هنا .. وكان بدل ما نبيض او ندهن الشقة كنا نعزل فى واحدة جديدة اوفرلنا .. وكانت كل حاجة موجودة والحياة حلوة .. اى نعم الفلوس كانت قليلة بس الاسعار برضه كانت قليلة والواحد يعرف يجيب اللى نفسه فيه .. لما الخواجات كان ماسكين البلد كانت كل حاجة ماشية صح .. ولما ولاد البلد مسكوها خربوها وقعدوا على تلها .....
ياسلااام .. كانت ايام حلوة والله .. لكن انتم .. ايامكم سودة وآخر هباب.. انتم لسه شوفتم حاجة؟ .. دى لسه "هاتتقندل" زيادة وتخرب اكتر .. الله يخرب بيوتكم وبيت عيشتكم السودة !!
انا بصراحة ذهلت ومعرفتش ارد اقول ايه ساعتها .. لكن الرجل العجوز اراحنى من التفكير فى رد مناسب وقام ونزل فى المحطة التالية .. كأنه كان راكب الترام دى بالذات عشان يقولى الكلمتين دول ويسودها فى وشى ويعقدنى فى حياتى وينزل !!
بعدها بكام سنة شاهدت ذلك المشهد الرائع فى فيلم "الارهاب والكباب" للممثل العجوز عبدالعظيم عبدالحق .. عندما كان جالسا فى اتوبيس مزدحم يقرأ الجريدة وبجانبه وقف عادل امام يسأله " فيه ايه النهاردة فى الجرنان؟" . فاجاب الرجل بمرارة .."مفيش حاجة .. نفس اللى كتبوه امبارح هو اللى كتبوه النهاردة وهو اللى هيكتبوه فى جرنان بكره" فرد عادل امام .. طب وبتقراه ليه بأه ؟؟ فأنفجر الرجل فجأة صارخا "مرض .. مرض والعياذ بالله" ونهض من مكانه ساخطا يريد النزول من الاتوبيس المزدحم وفؤجى بسيدة بدينة تقف بعرض الممر وهو – عبد العظيم عبدالحق- كما تعرفون رجل قليل الحجم وقلة "بكسر القاف" فصاح بالسيدة .. يا مدام .الستات ميقفوش بالعرض كده فى الاتوبيس .. يقفوا بالورب عشان الناس تعرف تعدى .. وكان منظره وهو يتجاوز السيدة التى يبلغ حجمها ضعف حجمه شارحا لها كيفية الوقوف باتوبيس مزدحم منظر مضحك وساخر فانفجر ركاب الاتوبيس كلهم فى الضحك .. فتوقف الرجل ناظرا اليهم بقرف شديد وقائلا " ايوه .. هو ده اللى انتم فالحين فيه .. روقوا نفسكم ليلة الخميس ويوم الجمعة الصبح تستحموا وتنزلوا تقفوا ورا الشيخ وتقولوا آمين !!
اضحكوا .. جاتكم ستين نيلة فيكم وفى ايامكم السودة " وهبط من الاتوبيس وهو يبرطم لاعنا الركاب والسواق والكمسارى بل ومصلحة النقل نفسها ..انتهى دوره فى الفيلم بذلك المشهد القصير وان لم يمحى من ذاكرتى ابدا وظل يذكرنى بواقعتى انا مع ذلك الرجل العجوز الساخط على كل الاوضاع وكل شخص واى شخص لاعنا العيش والعيشة واللى عايشينها !

-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-

الواقعة الثانية بأه ..برضه تدور احداثها فى ترام المدينة ولكن هذه المرة الترام شبه مزدحمة ولا توجد مقاعد شاغرة .. وبينما انا واقف –كالعادة- بأحد الاركان ارى كهلا مسن يصعد سلم الترام بصعوبة شديدة .. ساعدته واخذت منه عصاه ليتكىء على يداى حتى صعد للترام ووقف يستريح من هذا المجهود .. طبعا ساعدته بدون انتظار لاى عبارة شكر او تصفيق حاد من ركاب الترام تحية لى على ما فعلته .. ولكن لا اخفى اننى كنت اتوقع نظرة امتنان على الاقل من هذا الرجل العاجز عن الكلام والآخذ فى النهجان من مشقة صعود السلم ذو الدرجتان .. اكره ان اكون شيئا مسلما به .. خصوصا بعد كل هذا المجهود الذى ابذله كى لا اجذب اى انتباه لوجودى ..ثم اضطر لكسر هذه الشرنقة والخروج لعمل شىء من شأنه لفت الانظار لى (معلش .. استطراد آخر فى غير موضعه) … المهم .. اعطيته عصاه ليتوكأ عليها بعد ان مد يده فى اشارة طالبا عصاه .. وسرت معه حتى منطقة المقاعد لعل احد من الجالسين ينهض فيجلسه مكانه .. لكن لم ينهض احد فى التو .. فتركت الرجل مستندا بجانب المقاعد متمالكا لنفسه بعد ان انتهت مهمتى ..وبدأت مهمته هو !!
أخذ فى النظر بعينى صقر لوجوه الجالسين على المقاعد .. مركزا بصره على مجموعة المقاعد ذات اللون الاخضر والمخصصة لكبار السن والمعوقين .. حتى نهض منها رجل يجلس على الحرف بجانب الممر .. كان مسنا هو الآخر وان كان اوفر صحة واحسن حالا من رجلنا بطل الواقعة .. نهض واجلس العجوز مكانه. .. وفجأة نبت للعجوز لسان واستطاع الكلام .. بل الصياح" والزعيق" على وجه الدقة !
بدأ كلامه بشكر الرجل الذى نهض ليجلسه هو .. ثم اخذ فى انتقاد باقى الجالسين وكيف انهم لم يرأفوا بحاله وانهم عديمو التربية و سوف يبلغون من العمر ارذله ولن يجدوا من يساعدهم وان هذا عيب عليهم .. ثم زاد من حدة صوته وارتفع صياحه عندما التفت الى يساره واخذ يرمق الشاب صغير السن الجالس جواره – على مقاعد كبار السن والمعوقين- قائلا انه انعدمت الاخلاق واقترب العالم من نهايته بعد ان امتلأ بهؤلاء الشباب الرقيع عديم المسئولية قليل الادب منعدم الاخلاق ..وبعد ان نفد رصيده من السخط توقف عن الكلام لحظات .. او هذا ما ظننته حينها .. لانه اتضح انه كان يلتقط انفاسه ويعب بعض الهواء ليستكمل موشح الغضب والسخط من جديد .. وكان يتوقف بين الفينة والفينة ليمنح ذلك الشاب نظرات نارية مليئة بالكره والاحتقار .. كأنما هذا الشاب السوى الجسم صحيح البدن لم يجلس فى غير مكانه فقط . بل واستولى على نصيب الرجل العجوز من الصحة ومن كل شىء جميل فى هذه الحياة ،
لا انكر اننى اخذت على هذا الشاب ما ارتضاه على نفسه من قلة الذوق والانانية عندما لم ينهض ليجلس الرجل المسن مكانه . ولكن كلام الرجل العجوز الساخط زاد عن الحد وتجاوز حجم المشكلة بكثير .. والغريب انه لم يتدخل احد فى الحديث ليهدىء من ثورة الرجل العجوز .. بل انضم اليه رجل آخر فى آخر العربة !! وكان لدهشتى جالسا هو الآخر !!!وبعد بضعة دقائق متصلة من السخط الشديد والهجاء المرير الذى تلقى معظمه الشاب الجالس جوار الكهل العجوز .. نهض الشاب من مكانه ببرود شديد وبدون اى تعبير على وجهه كأن الكلام ليس موجها اليه هو بالذات .. مما رجح كفة الرجل العجوز لدىّ وعدت احتقر هذا الشاب الوقح عديم الاحساس ..وما ان نهض ذلك الشاب واكتمل وقوفه وأخذ فى التحرك للخروج من مكانه .. حتى لاحظ الجميع ما كان غير واضحا بجلوسه .. لا اعرف ان كان هذا شلل اطفال ام ان لديه قدم اقصر من الاخرى .. المهم انه كان معوقا !! وان لم يبد عليه ذلك عندما كان جالسا !!! شعرت بتأنيب ضمير شديد جدا وزاد حنقى على العجوز الاحمق سليط اللسان .. وعندما هبط الشاب فى المحطة التالية .. كان جميع الركاب مثلى متأكدين انها ليست المحطة المقصودة وان الشاب غادر الترام لانه ببساطة لم يتحمل كلام العجوز ونظرات معظم الركاب اليه .. ففضل ان يترك الترام بأكملها على ان يدافع عن تهمة لم يرتكبها وذنب لم يقترفه ، احسست بغصة فى حلقى وانتابتنى مشاعر عاطفية حمقاء واردت النزول خلف ذلك الشاب لاعتذر له واطلب منه ان يسامحنى على ما شعرت به تجاهه سابقا بسبب كلام ذلك العجوز الساخط الاحمق .. لكنى بالطبع كنت اجبن من ان افعل ذلك.

الامضاء
واحد عنده 13 سنة