Friday, September 29, 2006

صور ثلاثة

صور ثلاثة

ثلاثة اشخاص تعايشت معهم عن بعد واحتككت بهم فى محيط عملى.. وهم يمثلون لى نماذج غريبة من البشر وينتمون لخلفيات متباينة .. طالما تمنيت ان اقترب منهم اكثر لاحاورهم او لإعرف كيف يفكرون لكن لم تتح لى الفرصة ابدا.
لذلك انتوى ان اعرض عليكم صورهم .

الصورة الاولى :
للدكتور ص.س ... يعمل كاستاذ متفرغ بقسم هندسة الحاسب والنظم، يعتبر علامة فى مجاله العلمى حيث تخصص فى نظم التحكم الالكترونية الكمبيوترية هذا غير اهتمامه الشخصى بمجالات اخرى تدخل كلها فى نطاق الحاسب الآلى ، وبالرغم من نبوغه فى مجاله وسنوات عمره العديدة الا انه لم يحصل على درجة الاستاذية ليصبح بروفيسيرا بعد .. وذلك لاسباب قد تستنتجها من قراءتك لبقية السطور التالية.
صفاته الشخصية : شديد النحول ذو نظرات حادة وشعر رمادى طويل متدلى شبه مجدول .. طويل الاظافر ويرتدى دائما بنطالا رماديا وسويتر خفيف زيتى اللون حال لونه فانتمى لدرجة لونية اخرى يصعب وصفها ..
خلال ثلاثة عشر عاما هى فترة عملى بالكلية لم اره يرتدى غير هذا الزى .. لذلك اراه احيانا متسخا – الزى لا الدكتور - او ربما كان دولابه لا يحوى الا سويترات زيتية اللون وكالحة وسراويل رمادية .
اعتاد لفترة ان يتجول بأروقة الكلية حاملا راديو ترانزيستور يضعه على اذنه وفى يده الاخرى "باكو بسكويت شمعدان احمر" حتى اعتقدت انه لايأكل سوى البسكويت !
اعتدنا ايضا سماعه يجرى الحوارات مع صنابير المياه فى الحمامات عندما كان يدخل ليتوضأ !! فهو يحب الصلاة فى جماعة مع زملائه من الاساتذة ...
خلال سنوات عمره نسى بطلنا ان يتزوج او ربما زهد ..وحينما توفى والده .. اشترى له زملاؤه الاساتذه "بدلة" ليرتديها واوقفوه ليتلقى العزاء فى والده .
يتقاضى آخر كل شهر راتبا معقولا .. نراه احيانا وهو يوزعه على السعاة وعمال النظافة بأكمله .
حينما ينظر اليك ليحدثك فى امر ما .. تشعر بنظراته الحادة تخترقك حتى النخاع لتطلع على مكنونتك .. وعندما ينتهى من الحديث معك يتركك ليذهب فى طريقه الذى هو فى الغالب نزول الدرج ثم صعوده مرة اخرى من الناحية الاخرى للمبنى ! كأنما هو خائف ان تكتشف انت وجهته التالية.
قد يصف بعضكم هذا بذهول العلماء – وهو عالم بحق وليس مجرد استاذ اكاديمى - وقد يعتقد البعض ان هذه حالة جنون ، بضع جلسات كهربائية كفيلة بأن تمحوها .. ولكنى ارى فيه شيئا مغايرا تماما.

الصورة الثانية :
كنيتها "ام اشرف" وهى عاملة نظافة بمبنى الاقسام الكهربية بالكلية .. او "الدادة" كما يحلو للطلبة مناداتها بهذا اللقب .. كل ما فيها صغير .. حتى صوتها ولكن سنوات عمرها الستين لا تشى بحقيقتها ابدا ..
هل تعرف الممثل "احمد فرحات"؟ وهو طفل صغير رآه معظمنا فى افلام الخمسينيات ..من اشهر افلامه "طاقية الاخفاء" وظهر فيه بدور الاخ الاصغرللممثل عبدالمنعم ابراهيم رحمه الله . كان مصابا بنوع غريب من المرض يجعله يبدو متقزما رغم انه ليس بقزم .. حسنا .. ام اشرف الدادة كانت مصابة بنفس المرض .. قصيرة القامة ..يتعدى طولها المتر ببضعة سنتيمترات .. "ذات" رأس مستديرة وعلى شىء من الامتلاء .. صوتها محبب للنفس ..طريف ويذكرك بالطفولة الدائمة .. بالاضافة لانها كانت محبوبة من الجميع ربما لبشاشة وجهها او دعواتها الطيبة المستمرة التى تنهى بها الحديث مع اى شخص يكلمها.
اما الجانب الخفى الذى كان مجهولا للكثيرين هو انها كانت تصاب بحالات متكررة من الاغماء تفيق بعدها لتتكلم بصوت غريب لا يمكن ان يصدر من حنجرتها الصغيرة .. وكانت تكلم احد المحيطين بها ممن يحاولون افاقتها لتنصحه بعدم فعل هذا او ذاك من امر كان ينتوى فعله ويتعلق بمشكلة تخصه !! كما كانت هذه الافعال التى تتكلم بشأنها هى اسرار شخصية او عائلية لا يعرفها سوى صاحبها !!
والغريب ان معظم نصائحها كانت فى صالح الشخص الذى تكلمه .. طبعا لا يعلم الغيب الا الله .. لذا كانت معظم تنبؤاتها تتعلق بالماضى او الاستنتاج المنطقى لما ستؤول اليه الاحداث المتعلقة بالشخص صاحب الموضوع .. والغريب ان اغلب حديثها كان صحيحا ان لم يكن كله .
اقسم لى الكثيرون ممن اثق بهم والذين حضروا بعضا من نوباتها التى لا تستطيع التحكم بها بصحة الاشياء التى تتحدث بها العجوز الصغير !! وان لم يسعدنى الحظ بمعايشة تلك التجربة معها ابدا .. ويبدو اننى لن استطيع ذلك بعد الآن .. فقد ماتت "ام اشرف" منذ عامين بسبب علة بقلبها .. رحمها الله.

الصورة الثالثة :
هو طالب لا اعرف اسمه. امضى اكثر من سبع سنوات فى الكلية ولم يتخرج بعد . ربما قضى فى المعتقلات زمنا اكثر مما قضاه فى كليته . لو رأيته لقرأت فوق رأسه كلمة ارهابى لكونه يمثل تماما الصورة التى ارادت المسلسلات والافلام العربية تثبيتها بذهننا عن شديدى التدين .
يرتدى الزى الباكستانى وينتعل مركوبا ويعتمرطاقية صغيرة ويحمل لحية كثة. وفى ملبسه هذا يتحدى الكل وخاصة ادارة الامن بالكلية التى تستضيفه اياما او شهورا بفروعها ذات الخمس نجوم بمديرية الامن اومعتقلات الواحات . اما عن سلوكه فهو هادىء تماما وصامت كالاسماك لم اره ابدا مع اى زميل او صديق .. يصلى الفروض بجامع الكلية ولا يشترك بأية نشاطات .. ورغم ان جو الكلية الملىء بالمسوخ من شباب صغير السن شكلته سنين من مشاهدة قنوات مثل روتانا وميلودى ومزيكا .. ليغرى اى متدين كى يدعو بالحسنى او يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .. الا ان صاحبنا يحتفظ برأيه لنفسه ولا يرى فيمن حوله اهل نصيحة ويبتعد عن الجميع قابضا على جمره ..
رأيته منذ ايام يسير فى طريقه لاحد المعامل وامامه بضع طالبات صغيرات السن يتدلى لحمهن من ملابسهن بالغة الضيق .. اوقعت احد الطالبات احد اغراضها فانحنت لالتقاطه وعندما استقامت فوجئت بصاحبنا امامها مباشرة فصرخت فى ذعر .. ربما ظنت انه متجها اليها يريد ان يقيم عليها الحد او ماشابه .. ولكنه استمر فى طريقه لا يلوى على شىء .. كأنه لم يرها ولم تخرق اذنيه صرختها المدوية !! رد فعل عجيب لا يصدر الا من شخص يتحكم فى اعصابه تماما .. او شخص مجنون لا يملك اعصابا بالمرة.
ورغم ان شخصيته هذه تغرينى بالتحدث معه لربما عرفت خطته او استنتجت ايديولوجيّته لكن ابت الظروف ان تمنحنى مثل هذه الفرصة .. لذا ارجوكم ان رأيتموه ابلغوه انى احسده على شجاعته ... او حماقته
.

Tuesday, September 19, 2006

ساعة تروح وساعة تيجى


ســـــــــاعـــــــة
منذ حوالى ثلاثة اشهر كُسِرت ساعتــى العزيزة فى يوم اغبر واصبحت مضطرا لشراء ساعة يد فى اقرب وقت ، ولما كانت ظروفى المادية مضطربة آنذاك قررت ان اشتري ساعة يد رخيصــة بشكل مؤقت من اقرب محل اجده لحين ميسرة



وفى اليوم التالى مباشرة وضعت خطتى محل التنفيذ كما قررت سلفا وركبت سيارتى وذهبت لابعد نقطة ممكنة لشراء ساعة مميزة تحمل علامة ماركة مشهود لها بالكفاءة !
بعد ساعة من القيادة فى شوارع مزدحمة وجو خانق اجد نفسى واقفا امام نافذة العرض مترددا فى اختيار ساعة يد تحقق متطلباتى ..ونظرة البائع من خلف زجاج الفاترينة تقول لى .. هيا انتهى من اختيارك او انصرف فأنت تحجب الرؤية عنى .. استفزتنى تلك النظرة وصممت على ان آخذ حقى كاملا غير منقوصا فى التلكع تحت شمس النهار الحارقة ومشاهدة كافة المعروضات بالنافذة بالرغم من ان مجال الاختيار لم يكن واسعا امامى بسبب ظروفى المادية حينذاك . ولما لاحظ البائع ترددى خرج من محله واستند الى الباب وكأنه ملّ الاستمتاع بالجو المكيف داخل المحل فخرج قليلا يستشعر حرارة الجو كى يدرك كم هو محظوظ بامتلاكه جهاز تكييف . سألته عن سعر ساعة معينة .. فأجاب "ثلاثمائة وثمانون .. ولكنها لن تناسبك ..حجمها كبير وكف يدك صغير .. انتق اخرى"
عليك اللعنة ! .. هكذا قلت فى نفسى فقد لاحظت قبلا ان حجمها كبير بالفعل واردت ان يثنينى احد عن شراء مالا يناسبنى ولكنه فى نفس الوقت يعجبنى ! وقد كان البائع هو هذا الرجل!!
ماله هو وحجم كف يدى ؟ كل مهمته ان يبدى اعجابه بذوقى الرفيع ثم يذكر السعر مؤكدا مرة اخرى اننى وفقت فى اختيار ما يناسبنى .. كل الباعة يفعلون ذلك !
استكملت بحثى عن ساعة اخرى وابتعدت عن الساعات ذات "الاستيك المعدنى" .. فلها عيب خطير يعرفه كل من يفضل ان يرتدى ساعة "واسعة" ، فهى تنزلق على الساعد هبوطا وصعودا مع حركة اليد بعد ان تجذب معها بعضا من شعيرات الساعد فى حركة غادرة مؤلمة . وكذلك ابتعدت عن الساعات ذات " الاستيك الجلد" فهو يتلف سريعا بسبب المياه .

تناسيت او نسيت ان السعر الذى ذكره الرجل للساعة الاولى التى اخترتها يتعدى بكثير ما خصصته سلفا لشراء الساعة المؤقتة . وانتقيت اخرى يبدو من شكلها انها اغلى ثمنا من الاولى وسألته عن سعرها فأجاب "مائة جنيه" !
ماذا مائة جنيه فقط !! يبدو اننى لا افقه شيئا فى الساعات .. هكذا قلت لنفسى
قرأ البائع افكارى واجاب بدون ان اسأله " تقليد صينى لماركة يابانية" .
عندئذ قررت ان هذه الساعة هى مبتغاى كونها تحقق اغلب الشروط المطلوبة من ناحية السعر والشكل المقبول ولابأس بها ابدا كساعة مؤقتة ارتديها لاشهر قليلة ثم اشترى اخرى عندما تتوفر نقود اكثر
ولذلك انتقلت انا والبائع لداخل المحل وخرجت بعد عشرة دقائق مرتديا ساعة اخرى تماما سعرها اربعون جنيها!
عدت الى المنزل بعد ان اديت مهمتى بنجاح وداريت هذا الجزء الفاتح اللون بجلد ساعدى الايسر والذى كان يصرخ قائلا لمن يراه .. هنا كانت توجد ساعة ثمينة ودقيقة لا تقدم او تؤخر إلى ان وافتها المنية فى حادثة اصطدام بحافة مكتب خشبى مأفون.
ينبغى ان اذكر اننى كنت فى السابق لا اخلع ساعتى ابدا .. لا اثناء النوم او حتى وقت الاغتسال وقد كنت اكتفى بتمرير المياه بغزارة من تحتها اثناء الوضوء ..لكن بعد شرائى هذه الساعة العظيمة اختلفت الامور!
فى اليوم التالى وبعد نوم متقطع وليل كله ارق صحوت فيه كثيرا مفتقدا شيئا لا ادرى كنهه
استيقظت مرهقا وبعد حمام الصباح اليومى نظرت لساعتى لادرك كم تبقى لى من الوقت لارتداء ملابسى والذهاب للعمل .. وجدت غمامة بيضاء من بخار الماء تغطى السطح الزجاجى الداخلى بأكمله !
اذا هذه الساعة اللعينة تسرب المياه للداخل . عظيم جدا
حدثت نفسى بأنه لا داعى للغضب وذكرتها بأن هذه الساعة ساعة مؤقتة لمدة شهرين او ثلاثة على الاكثر .. كما ان هذه الغمامة ستزول بعد قليل. ثم ذهبت لعملى وشُغلت عن موضوع الساعة حتى لاحظها زميلى بالعمل –الشيخ عادل - وهنأنى على حسن اختيارى .. وهو بالمناسبة ليس شيخا عجوزا وانما اطلقنا عليه هذا اللقب لكونه اكثرنا التزاما ومواظبة على حضور دروس الدين بالجوامع كما اهلته ذقنه الهائلة لهذا المنصب الفخرى. ولكن بالرغم من هذا فهو شخص مرح مهزار بما لايتفق احيانا وسمت الشيوخ الوقور.
لذلك بعد ان هنأنى الشيخ عادل على الساعة الجديدة قال لى بسخرية
- وبعدين مين العبقرى اللى سماها ساعة ؟ ليه مسمهاش دقيقة او ثانية ؟
ولو سماها دقيقة .. هيبقى المقصود انها دقيقة فى عملها يعنى لا بتأخر ولا بتقدم ولا المقصود انها دقيقة زمنية ؟
عالم تجن صحيح .. ما اللغة العربية مليانة كلمات ومرادفات .. قفلت معاهم على الكلمة دى !!
وبعدين انت تلبس ساعة ليه من اصله ؟ هتعمل بيها ايه؟ عاوز تلحق ايه ؟
ثم قال جملته الشهيرة .. " مفيش حاجة مستعجلة فى مصر"
ترددت جملته الاخيرة فى عقلى واخذت اتذكر كيف اختلف تقديرى لاهمية الوقت خلال سنين عمرى المختلفة
منذ طفولتى ومراهقتى وايام شبابى وحتى الآن .
وفكرت هل كانت حياتى ستتأثر اوتختلف لو لم ارتدى ساعة ؟ اكان من الممكن ان اصبح شخصا آخر لو لم استعن باداة تساعدنى فى تنظيم وقتى ؟ وهل كان مصيرى سيختلف لو نبهتنى ساعتى الى قرب انتهاء الوقت فى امتحان التفاضل والتكامل بالثانوية العامة ؟؟ وتركت حينها هذه المسألة الصعبة وانتقلت لغيرها لاوفر الوقت .. هل كانت الساعة هى السبب فى ضياع فرصتى فى الالتحاق بالكلية التى ارغبها ؟؟
وماذا عن الآخرين الذين لا يرتدون ساعات ابدا ؟ كيف يعيشون حياتهم ؟
دخلت ام ابراهيم "عاملة البوفيه" الغرفة لتضع فنجان القهوة على مكتبى ، ولإن الشىء بالشىء يذكر .. تذكرت موهبة تلك السيدة الطيبة فى معرفة وتخمين الوقت بدقة فى اى فترة من فترات اليوم من دون ان تحمل ساعة !
بينما تأبى ساعتى انا البيولوجية فى ايقاظى صباحا فى الوقت المناسب .
افقت من خواطرى على صوت الشيخ عادل وهو يسألنى
- مالك انت جربان ولا ايه ؟؟ نازل هرش فى ايدك كده ليه زى القرود ؟
كنت بالفعل اشعر بحكة شديدة .. نظرت لساعدى عن قرب لارى السبب فوجدت رقعة صغيرة بادية الاحمرار وملتهبة .. يبدو ان "ناموسة" انتهزت فرصة استغراقى فى التأملات وقرصتنى.
غسلت يدى بالماء وعدت لاستكمل عملى الذى قطعته التأملات ..
وبعد خمس ساعات كنت فى سيارتى متجها لمنزلى العزيز بعد ان ابتعت بعض المتطلبات من بينها كريم ملطف لادهن به ساعدى بعد ان زادت الحكة واتعبتنى كثيرا.
وعندما وصلت للمنزل ونزعت ساعتى كى ادهن ساعدى بالكامل .. هالنى ما رأيته من منظر الساعد .. كانت المنطقة المغطاة بالساعة ملتهبة بشدة ومتورمة قليلا .. لذلك غادرت منزلى متجها لاقرب طبيب امراض جلدية وبعد اجراء الكشف قال لى الطبيب بلهجة من اعتاد رؤية هذه الحالات ..
- الساعة الجديدة هى السبب.. حضرتك لازم تتخلص منها لو عاوز تخف .. الاستيك بتاعها مصنوع من نوع ردىء من المطاط الصناعى وياريت بلاش تسترخص فى شراء حاجة بتلامس جلدك بشكل مباشر .
وعقابا لى على "استرخاصى" كتب لى الطبيب روشتة ادوية ومراهم تعدى سعرها ثلاثة اضعاف سعر الساعة !
.
.
.
.
وبعد عدة ايام من الارق والاحساس بنقصان شىء و بدون ان ارتدى ساعة يد حسب امر الطبيب وددت لو انى امتلك ساعة مثل ساعة "لوز" عامل المزرعة الخاصة بالجدة بطة - وانا احمل مودة شديدة لقصص الاطفال تلك التى تعملت القراءة عن طريقها قبل ان ادخل المدرسة وافتقد زمن البراءة هذا بشدة - وكان هذا اللوز يرتدى منبه كبير مربوط حول عنقه ولا يوجد به اية ارقام .. فقط اربعة كلمات بدلا من الساعة 12،9،6،3 .. كان مكتوبا افطار ، غداء ، عشاء ، نوم
منتهى البساطة !!
لذلك تجدوننى فى داخل محل ساعات آخر بعد عدة ايام ، طبعا لم استطع ان انفذ رغبتى باقتناء ساعة كساعة لوز رغم اننى وجدت موديلات غريبة الشكل تشبهها كثيرا . يبدو ان هناك مخبولين كثيرين على شاكلتى وربما اكثر شجاعة ليشتروا مثل هذه الموديلات والا ما عرض البائع ساعات بهذه الاحجام والاشكال للبيع !!
انتقيت ساعة مناسبة محترمة تحمل اسم ماركة معروفة ودفعت فيها مبلغا قيما وانصرفت لحالى .
عدت للبيت وبعد ان تناولت عشائى وانهيت فيلم السهرة ذهبت لانام ، ذهبت للفراش ورقدت على جانبى الايمن واضعا خدى على كفىّ يداى المضمومتان واغمضت عيناى ممنيا نفسى بنوم هادىء بدون ارق ...
ولكن هيهات .. لم اكد انعس لوقت قليل حتى ارقت وصحوت ثانية .. اضأت النور لأرى الساعة فلاحظت لاول مرة ان ساعتى بدون عقرب ثوانى !! هززتها قليلا لاتأكد من انها تعمل بشكل سليم ثم قربتها لاذنى فلم اسمع شيئا .. نظرت اليها مجددا وقمت بالضغط على بعض الازرة بجانبها فوجدتها تعمل بكفاءة .. اذا فهى سليمة بلا عيب .. كل الموضوع ان عقربى الساعة والدقيقة يتم التحكم فيهما عن طريق دائرة الكترونية وليست ميكانيكية ولا يوجد بها عقرب صغير ليصدر "تكة" كل ثانية ، ذلك الصوت الذى اعتدت ان انام وانا اسمعه يتردد فى اذنى .. صوت يخبرنى بأننى لم امت بعد .. صوت يطمئن عقلى الباطن ويؤكد له ان الحياة لاتزال مستمرة .
عرفت اخيرا اهمية الساعة بالنسبة لى .. انها تجعلنى انام بدون ارق .. فقط هذه هى مهمتها
.

Thursday, September 14, 2006

فرحة الخريف

فرحــة الخريـــف
كلمات : ايمن عمارة (مقهور) تصميم : العبدلله
هذا الملف الفلاشى يعمل تلقائيا بمجرد الدخول للموقع ولا يمكن اعادة تشغيله الا بإعادة فتح الصفحة .. لاتنسى تشغيل السماعات)


Monday, September 11, 2006

نظرية الانتخاب الطبيعى

فرس عرجاء

فرس عرجـــــــــاء
بقلم : آيات الجارحى
تصميم : العبدلله
للتشغيل: استخدام المثلثات بالاسفل بعد ان يتم التحميل ولاتنسى تشغيل السماعات


Sunday, September 10, 2006

Walk like a man my son





Walk like a man
Talk like a man
Walk like a man my son
No woman's worth Crawling on the earth
Just walk like a man my son

(Frankie Valli - 1964)

Appearances may Deceive




How far is too far ?
How old do u think this kid is ?
Is he realy a kid ? or is he an old man as he appeared to me from the other side of the window?

ابيض واسود وفأر رمادى


مستلقيا على فراشى فى خمول و كسل محدقا فى تلك الصورة الكبيرة المعلقة على الحائط امامى ، بوستر ورقى ملون كبير الحجم اشتريته منذ زمن بعيد عندما كنت مراهقا ولم اجد الشجاعة لاتخلص منه .. اتقلب على الفراش لاجد وضع اكثر راحة .. فمن حقى ان استريح بعد يوم شاق فى عمل لا شىء واستعد ليوم جديد اكثر مشقة .. انظر الى يمينى تجاه النافذة لاجد ان الليل قد حل والظلام اسدل استاره .. غريب .. لم الحظ هذا التناقض من قبل!! .. الشيش (الخصاص) نصفه مغلق ولونه الابيض يبرز بشدة لون الليل حالك السواد الظاهر من النصف الآخر المفتوح للنافذة ..راقنى بشدة احساسى العالى هذا بتناقض الالوان ... ابيض ناصع هو لون الشيش .. وسواد حالك لا تلوثه اية اضاءة ولا تظهر به اى خلفية خاصة وان المبنى الذى اقطنه اعلى من باقى المبانى.. فلا ارى اسطح المبانى المجاورة الا اذا اقتربت من النافذة ونظرت لاسفل.
ومع سكون الليل هذا بحثت فى عقلى لاجد شىء افكر فيه يليق بجلال هذه اللحظة، شىء من شأنه ان يطرى عبقريتى فى ادراك هذا التناقض اللونى الشديد وحسى الفنى العالى .. لم اجد شيئا !! عقلى فارغ كحافظة موظف حكومى فى آخر الشهر. ركزت بصرى على النافذة بحيث لم اعد ارى سواها .. مستطيل كبير نصفه ابيض مصمت ونصفه الآخر اسود مجوف واخذت استحث عقلى اكثر ليتذكر شىء مناسب غير عابىء بكونى انسان عادى لا يملك اى موهبة ولايستطيع ان يخلق كلمات .
فجأة اختلت الصورة .. لم تعد مجرد ابيض واسود ..نقطة رمادية ظهرت فى الكادر .. لمحتها بطرف عينى تتحرك بالركن الاسفل للوحة التى اكتشفتها .دققت فى الركن الايمن السفلى لاطار النافذة فوجدت ما افسد على لحظتى ، فأر صغير رمادى اللون ينظر لى فى ذعر !! فأر !! ماذا يفعل هذا اللعين هنا .. وكيف استطاع تسلق كل هذا الارتفاع ؟؟ تلك الحديقة الصغيرة المهجورة والمحصورة بين عمارتنا وثلاثة مبانى اخرى تلقى علينا كل صيف باجود انواع الناموس واحدث السلالات التى لا تتأثر بأى مبيدات .. لكن فئران !! هذا جديد .. لابد من التصرف بشكل جدى. تذكرت قطى "جمعة" صديقى المخلص وكاتم اسرارى .. لو كان على قيد الحياة الآن لأراحنى من التفكير فى هذه المشكلة الطارئة .. فى جنة الخلد يا جمعة. نظرت مجددا الى الفأر الصغير لاجده مايزال فى مكانه ينظر الى فى ثبات .. اكاد اسمعه وهو يفكر هل يدخل للغرفة ام يعود ادراجه؟ نهضت من رقدتى ببطء شديد حتى لامست قدماى الارض وفكرت انه لو قفزت من فراشى بسرعة فى حركة سريعة مفاجئة فسوف يفزع الفأر ويهرب للخارج .. وضعت خطتى موضع التنفيذ وضغطت على الارض بقوة بقدماى لاحصل على موضع ارتكاز اندفع منه قافزا مدخلا الرعب فى قلب هذا المتطفل البائس وما ان قفزت حتى حدث شىء عجيب !!....اظلمت الغرفة تماما فى نفس اللحظة !! لم اعد ارى شيئا .. وكأن ظلام الليل الحالك بالخارج قد غزا الغرفة وصرع ضوئها !! ترى هل كانت قفزتى من القوة بحيث اننى اصطدمت بالمصباح المعلق بالسقف واتلفته !؟ ما هذا التخريف ..بالطبع لا .. كما اننى لست بهذا الطول ابدا .. لابد انه انقطاع للتيار الكهربائى .. وياله من توقيت .. تحسست طريقى للنافذة فاغلقت الزجاج ثم مشيت ببطء متجها لباب الغرفة وفتحته لاجد الشقة غارقة فى الظلام .. اذا الامر كما توقعت .. انقطاع للتيار الكهربى .. عدت مرة اخرى لغرفتى ابحث عن المصباح اليدوى الصغير الموجود فى درج المكتب – اين ذهبت الايام السعيدة عندما كنا نضىء الشموع فى انتظار عودة التيار الكهربى- قاتل الله وزير الطاقة والكهرباء فقد حرمنا تلك اللحظات الشاعرية القديمة عندما طور من شبكات الكهرباء واصبحت مرات انقطاع التيار اقل بكثير عن الماضى .اصطدم اصبع قدمى الصغير بشىء صلب – المقعد غالبا- فأخذت اسب والعن من شدة الالم ... ما كان لى ان اذكر الرجل بسوء .. يبدو ان وزير الكهرباء هذا رجل ذو حظوة..ما ان وجدت المصباح وقبل ان اضيئه عادت الكهرباء وغمر الضوء المكان .. نظرت تلقائيا للنافذة متوقعا ان اجد الفأر الصغير ينظر لى من خلف الزجاج فى سخرية ... لكنى لم اجد شيئا.عدت افتح النافذة وانا اتساءل ... هل نجحت خطتى وهرب الفأر عندما رآنى اقفز قفزتى الهائلة الشجاعة ام تراه تسلل للداخل لحظة انقطاع النور ثم حبسته انا بالداخل عندما اغلقت زجاج النافذة ؟؟؟ لم يطل تفكيرى كثيرا فقد سمعت صوت خافت خلفى ينبعث من المكتبة !!! نظرت اليها فلم ار شيئا .لابد انه بداخل احد الفازات الصغيرةآه لقد فعلها اللعين وتسلل للداخل .. ماذا انا بفاعل الآن ؟ لابد من استخدام القوة .. تناولت مضرب التنس القديم من خلف الفراش والذى لم يستخدم قط من اجل الغرض الذى صنع له .. فأنا لم ادخل ناديا رياضيا فى حياتى بغرض التريض ولا اعرف عن رياضة التنس الا انها لعبة تدر الملايين لمحترفيها
وانه توجد لاعبة تنس مشهورة تحمل اسم فينوس آلهة الجمال فى الاساطير اليونانية ، رأيت صورتها فى الجريدة ووجدتها تشبه عم محروس حارس عمارتنا !
كما تستخدمه امى احيانا - المضرب لا عم محروس- فى تنظيف السجاجيد .امسكت بالمضرب وتوجهت للمكتبة بإقدام وجرأة شديدين .. ثم توقفت فى منتصف المسافة وفكرت ... هل من الضرورى استخدام هذا الحل العنيف الذى قد يؤدى لتهشم بعض الموجودات بالغرفة ؟؟ ام من الافضل ان اترك الفأر اليوم ليرتاح قليلا على ان اقتله بالسم غدا بعد ان ابتاع بعضا منه فى طريق عودتى من العمل ؟؟ فكرت اكثر ووجدت ان طريقة السم هذه تتصف بالخسة والندالة ...
لست انا هذا الرجل ابدا .اذا لابتاع مصيدة ! نعم مصيدة .. لاتوجد خسة او ندالة او حتى عنف فى استخدام هذه هذه الطريقة ...
ثم تذكرت فجأة والدتى ..ستعود غدا صباحا بعد قضاء ليلتها فى بيت اختى ولو علمت امى بوجود فأر بالمنزل لتحولت حياتى انا الى جحيم ..اذا لابد من التخلص من هذا الضيف الغير مرغوب فيه الليلة. وبينما انا واقف ممسكا بالمضرب بيدى محاولا استجماع شجاعتى وتخمين ايا من الموجودات بالمكتبة تصلح لاختفاء فأر صغير.. سمعت صوتا خفيضا يقول" تبدو مضحكا وانت ترتدى منامتك وتمسك بمضرب التنس هذا"التفت خلفى فى ذعر .. لاجد الفأر على اطار النافذة المفتوحة !! كيف تسلل مرة اخرى للنافذة بدون ان الحظه ؟؟ دعك من هذا الآن .. من الذى تكلم بصوت خفيض ؟؟ نظر لى الفأر مباشرة وفى عينيه نظرة ساخرة – ان كان هذا ممكن – وقال بصوت كان وقعه غريبا على اٌذنى
" لا اشم فيك رائحة الجبن ولكنى لمست فيك بعض التردد .. هل لى ان اسألك لماذا ؟؟"لملمت نفسى واسترددت صوتى وقلت بصوت متحشرج
انت .. انت تتكلم ؟؟رد قائلا .. دعك من هذا الآن ..اعتبرنى ميكى ماوس او تخيل نفسك فى احد كتابات احمد بهجت حيث تتكلم جميع الحيوانات والطيور حتى الاسماك الخرساء .. قل لى .. لماذا انت متردد ؟؟هنا لا بد لى من الاعتراف بأننى شخص مسالم واكره قتل اى كائن حى - ماعدا الصراصير التى اشمئز منها بشكل مرضى - لذلك رددت قائلا فى خجل .. الحقيقة .. انا لست شخص عدوانى واكره العنف كثيرا كما اننى لا اكرهك لشخصك .. انا فقط اكره رائحتك وذيلك وحقيقة انك تنقل الامراض .. هذا طبعا بخلاف انك اقتحمت خلوتى .عدا هذا فأنا لا اكره بك شىء آخر .. بل اعتبرك ارنب قزم يحتاج للاستحمام بشدة .. وقد رغبت كثيرا فى صغرى ان اقتنى فأر ابيض او خنزير غينى <حيوان قارض صغير اليف يشبه الفأر كثيرا ولا يمت بصلة للخنازير الا فى اسمه> ولكن والدتى حالت دون ذلك طبعا
.
.
يتبع ...