جلست مها تنتظر دورها فى قلق .. فهى تجلس فى الصف الثامن وتسبقها 7 صفوف لابد من ان يمر بها "عم احمد" حاملا دلوه الثمين ببضاعته العجيبة .. والى ان يصل اليها سيكون طلبة الصفوف السبعة الاولى قد اختاروا افضل العينات واكبرها حجما من "جردل" عم احمد الشهير
اخيرا وصل الرجل العجوز الى حيث تجلس ومده يده فى دلوه واخرج عينة ووضعها امامها فصاحت به قائلة
- استنى يا عم احمد العينة دى بايظة خالص ومفعصة هاشتغل عليها ازاى ؟؟ انت عايزنى اسقط !!
فرد الرجل فى نفاذ صبر قائلا
- ماهو لو انا استنيت كل طالب ينقى عينته مش هاخلص يا دكتورة
ليتدخل زميلها الجالس بجوارها فى الحديث قائلا
- اصبر ياراجل ياطيب انا هاخد عينة ليا وليها فى ثوانى مش هنعطلك .. هات الجردل انت بس
وفى سرعة مد يده اليسرى فى جيب الرجل العلوى ليدس فيه جنيهان وغاص بيده اليمنى فى الدلو يقلب يمينا ويسارا حتى انتزع منها صرصورا لامع فاخر الشكل كامل الاطراف وضعه امامه ثم انتقى صرصورا مماثلا ووضعه امام مها قائلا
- اى خدمة يا فندم ...اجدعها صرصار كان بيلعب فى " جيم " الكلية قبل ان يقع صريع الهوى فى جردل عم احمد
لم تتأثر مها بحركة "الجدعنة" تلك التى اتى بها زميلها فآخر شىء يمكن ان يجذبها الى شاب او زميل لها هو ان يتفاخر بقدرته على دس يديه فى دلو ملىء الصراصير الميته ليقدم لها صرصورا وعلى وجهه ابتسامة فخر كأى جنتلمان كلاسيكى يخلع ردائه ويضعه على الارض الموحلة لتعبر عليه الفتاة الرقيقة بدون ان تلوث حذائها بالطين ..لقد اعتادت تصرفات زملائها الذكور خصوصا عندما تتحكم بهم هرموناتهم الذكورية فيتصرفون بشكل صبيانى سخيف حتى انها تستطيع ان تشم رائحة التستوستيرون فى الهواء
مر الامتحان الكابوسى ولم تعرف ان كان التمثيل بجثة الصرصار الشهيد قد منحها الدرجات المطلوبة لتجتاز هذا الامتحان ام لا .. يجب ان تبذل جهدا اكبر فى اختبار الغد لو كانت تريد ان تحصل على درجات جيدة فى امتحانات العملى هذا العام .. الحقيقة ان اداء مها هذا العام لم يكن بالمستوى المطلوب ابدا وقد اورثها ذلك عصبية زائدة خاصة فى تلك الايام من نهاية العام الدراسى.
وقبل مغادرتها للكلية ذهبت لتلك الغرفة الخشبية بجانب الكافيتيريا واشترت ضفدعا حيا لتتدرب عليه فى منزلها استعدادا لامتحان اليوم التالى .. مهمة ثقيلة جدا على النفس خاصة مع حسها المرهف وقلبها الرقيق .. لكن لابد من تأديتها ولا مفر منها ابدا
وما ان وصلت للمنزل اعطت حقيبتها لاخيها الصغير ففهم على الفور المطلوب منه .. فقام بفتح الحقيبة واخرج تلك اللفة الورقية الصغيرة والتى تحوى بداخلها ضفدعا صغيرا متحفزا بانتظار فتح السجن الورقى ليقفز منه ويفر بعمره من الميتة البشعة التى تنتظره.
كان اخيها الصغير يعشق تلك المهمة الموكولة اليه وينتظر من مها ان تأتى اليه كل فترة بضفدع صغير طالبة منه اخراجه من لّفته ووضعه "ببرطمان" المربى الزجاجى الفارغ تمهيدا لتخديره .. لم ييأس اخيها من طلبه الدائم لها بأن تتركه يقوم بإفقاد الضفدع لوعيه بالطريقة الاخرى التقليدية - وهى امساك الضفدع من ارجله الخلفية ثم تطويحه بأتجاه اى سطح صلب لتصطدم رأسه به ليفقد وعيه- كان الاخ سادى النزعة كأى مراهق فى سنه ولكن مها كانت ترفض هذا الطلب بشكل قاطع وتطلب منه ان يفقد الضفدع لوعيه بالطريقة الاخرى وهى وضع قطعة من القطن مبلله بالكحول داخل برطمان زجاجى مغلق يحتوى على الضفدع المسكين .. فلا تمر دقائق حتى "ينسطل" الاسير ويفقد وعيه ويصبح جاهزا لحفلة التشريح التى ستمارسها الدكتورة مها عليه
ذهبت مها لتغيير ملابسها فقام اخيها بإخراج الضفدع من سجنه الزجاجى قبل ان يفقد وعيه وامسكه من ارجله الخلفية ليطوح به فى قوه تجاه الحائط ... وفى نفس اللحظة كانت اخته قد انتهت من تغيير ملابسها وغادرت غرفتها لتفاجأ بتلك الحركة الغادرة من اخيها بعد ان افقد الضفدع وعيه بالفعل فصرخت فيه حتى بح صوتها .. ثم عادت لغرفتها ثانية وارتمت على فراشها باكية
ظلت تبكى حتى غلبها التعب والارهاق فنامت ... الا انها استيقظت بعد قليل بعد ان غمرها شعور بالبرودة الشديدة مع احساس بالبلل كما لو انها مغمورة بالماء .. فتحت عينيها فرأت سقف الغرفة يبدو بعيدا اكثر من اللازم .. حاولت ان تنهض من فراشها لتكتشف انها غير قادرة على النهوض كما لو انها مثبتة بالفراش ... ماذا يحدث .. ؟؟ ارتعبت ومالت برأسها جانبا لترى ما يمنعها من النهوض .. فوجدت يديها مثبتان الى الفراش بخوابير معدنية ضخمة غرست فى كفيها غرسا !! .. رفعت رأسها بعد جهد كبير لترى قدميها متباعدتان ومثبتتان بالفراش بنفس الكيفية !! والغريب انها لا تشعر بأى الم من جراء ذلك .. فقط احساس بالبرودة نتيجة طبقة المياه الرقيقة التى ترقد فيها مصلوبة الى فراشها والذى تحول سطحه الى طبقة شمعية غريبة !! احساس خانق بانعدام الحيلة اعتراها وهى تنظر لحواف الفراش التى ارتفعت من جوانبه او ربما غاص بها الفراش لاسفل فتكونت تلك الحواجز المعدنية فى شكل دائرى لتلتف من حولها ولتحتوى طبقة المياه التى ترقد بها فبدت وكأنها مصلوبة الى قاع طبق عملاق .. بعد ثوانى او ساعات لا تعرف فقد انتفى احساس الزمن ليحل محله احاسيس عدة لا تملك من الكلمات ما يمكنها من الوصف او حتى فهم وإدراك ما يحدث لها .. ظهرت تلك الرؤوس العجيبة من خلفها .. لم تستطع ان تراهم فى وضعها هذا فهى لا تستطيع الالتفات للخلف ولا تملك سوى ان تحرك عينيها للخلف علها تتمكن من رؤية تلك الرؤوس الشبحية المبهمة .. اما اصواتهم فبرغم علوها فلم تفهم منها عبارة واحدة .. مجرد همهمات عالية لا يمكن ترجمتها لكلمات مفهومة ..
.. توقفت تلك الاشباح عن مداولاتها واخذت فى التحرك حول الفراش الذى تغير شكله وتحول من هيئته المستطيلة ليصبح دائرى الشكل التفوا من حولها فاستطاعت اخيرا ان ترى هيئتهم وياليتها ما رأتها .... كانوا على هيئة ضفادع عملاقة تقف على ارجلها الخلفية وترتدى معاطف بيضاء وبأيديهم سيوف طويلة ورماح واسلحة اخرى معقوفة الاطراف لا تعرف لها اسما .
توقفوا عن الهمهمة ونظروا اليها صامتين لبعض الوقت .. حان الوقت الآن لتصرخ بأعلى صوت ..فصرخت وصرخت لكنها لم تسمع لها صوتا وكأنما صوت صراخها ارتد لداخلها ولم يغادر شفتيها.. لم تتوقف تلك المخلوقات عن التحديق بها صامتين وكأنما هى حرب نفسية الغرض منها تحطيم اعصابها والعمل عل انهيارها قبل ان يعملوا بها الطعن ويمثلوا بجثتها
بُح صوتها الذى لم تسمعه فتوقفت بعد ان خيل اليها ان احد تلك المخلوقات الضفدعية الشكل يبتسم لها !! .. ثم غمز بعينيه قبل ان يرسل لها قُبلة فى الهواء !!
وقبل ان تجد الفرصة لتتعجب من هذا الفعل سمعت صوتا عاليا مألوفا ... كان صوت زميلها صاحب "عزومة" الصراصير .. ولكنه لم يكن يتحدث اليها .. بل يبدو انه يتحدث لتلك المخلوقات العملاقة الضفدعية.. كان على ما يبدو يحذرهم من ان يقوم احدهم بثقب اى وعاء دموى مهما صغر حتى لا تفسد التجربة !!
كان صوته بعيدا وعاليا فى نفس الوقت وكأنه يقوم بدور الراوى فى فيلم عربى قديم .. دارت بعينيها لعلها تلمحه ولكنه لم يكن موجودا فى نطاق رؤيتها المحدود ..وان كان صوته ينبعث من جهة ما من سقف الغرفة البعيد
اقترب منها احد الضفادع ونظر اليها متفحصا ثم تحدث الى زملائه بتلك الهمهمة الغريبة ..وللعجب تبين لها انها تفهم الآن ما يقوله !! .. كان يحذر من انها ليست مخدرة بشكل كامل ويعتقد ان احد زملائه لم يقم بمهمته بشكل جيد .. اقترب ضفدع آخر منها فى بطء .. كانوا جميعا يتحركون ببطء شديد كما لو انه فيلم يعرض بالسرعة البطيئة .. اقترب هذا الضفدع بوجهه منها محدقا فى عينيها ..والغريب ان هذا الضفدع بشكله العجيب كا يبدو مألوفا لها بشكل او بآخر .. حتى سمعته يهمهم قائلا أنه قام بتطويحها بقوة مناسبة للحائط ليفقدها وعيها .. وانه ان قام بهذا الفعل بشكل مبالغ فيه لتحطمت العينة وانتهت تماما ..
عرفت الآن لما يبدو هذا الضفدع مألوف الشكل .. فقد كان صوته هو صوت اخيها تماما مع بعض التشوهات التى تتناسب مع شكله الجديد
تذمر احد الضفادع الاخرى من انهم يضيعون الوقت فيما لا ينفع وانه لابد من البدء الآن والا تأخر الوقت .. وبالفعل لم يضيع وقتا وامسك بسلاحه الغريب وقام بشق صدرها فى سرعة
لم تملك مها ان تفعل اى شىء وهى تشاهده يشقها بهذه الكيفية .. حتى الصراخ او فقدان الوعى حُرمت منه .. وخيل اليها ان قلبها سينفجر من شدة الرعب ولعل ذلك هو املها الوحيد فى الفرار من هذه التجربة .. ولكنها عندما نظرت لاسفل ورأت قلبها مكشوفا ينتفض ببرود وانتظام وكأنما لا يعينه ما يحدث لها تأكدت انه لا مجال للفرار وانها ستعيش تلك التجربة حتى نهايتها
حتى سمعت صوت الراوى من بعيد وهو يقول " لقد فشلتم يا سادة .. لابد من عينة اخرى"
نظرت بطرف عينيها لجانبها الايسر فلمحت هذا الخيط الاحمر يتلوى فى الماء الذى يحيط بها .. حتى اصطبغ معظمه بلون الدم
حينها فقط تخلى قلبها المكشوف عن بروده واخذ ينبض فى قوة وسرعة ..وكانت انتفاضاته من القوة بحيث انها احست بجسدها كله يرتج وينتفض ..
كانت تلك الضفادع ترمقها بغضب شديد بعد ان تخلت عن اسلحتها المعدنية واخذت تهزها بآياديها الطويلة وتدفعها فى جانبها الايسر بعنف حتى تنتزعها من طبق التشريح لترمى بها خارجا.
افاقت مها على يد والدتها تربت على كتفها الايسر حتى تستيقظ .. وبعد ان افاقت وسمعت والدتها تطلب منها ان تصحو سريعا حتى لا ينفد منها الوقت قبل ان تستعد لامتحان الغد..
فنظرت اليها مطولا ولم تنبس بكلمة .. لقد قررت انها لن تتقدم لامتحان الغد.